مقالات وبحوث
لماذا السياحة هي النفط الجديد في السعودية؟
سخّرَت المملكة العربية السعودية -وهي أكبر مصدر للنفط الخام في العالم- قوتها الاستثمارية الهائلة لبناء اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة خلال السنوات الأخيرة التي تبعت إطلاق “رؤية 2030” وهي خطة حكومية كبرى تهدف إلى جذب استثمارات أجنبية وتوفير الوظائف في مسعى لتقليص اعتماد المملكة على النفط الذي هبطت أسعاره عالمياً لحوالي النصف منذ منتصف العام 2014.
وتحت عنوان (لماذا السياحة هي النفط الأبيض الجديد في السعودية؟)، ذكر بيان أن قطاع السياحة والترفيه تلقى “اهتماماً كبيراً وكان من أوائل القطاعات الحكومية التي تمَّ بدء العمل على تعزيزها وتوسيع آفاق نموها بعد أن كان موسم الحج والعمرة يستحوذ على الحصة الأكبر من زوار المملكة، مما أدى إلى جعلها واحدة من بين 20 وجهة يتوجه إليها السياح في العالم”.
وبهدف تنويع اقتصاد المملكة من خلال فتح آفاق نمو جديدة في مختلف القطاعات، جاء إطلاق المشاريع الثلاثة الكبرى (نيوم، ومشروع البحر الأحمر، والقدية) التي يتم تنفيذها اليوم تماشياً مع أهداف “رؤية المملكة 2030” بهدف توفير مسارات نمو تسهم في جذب الاستثمارات العالمية والمحلية، وتعمل على تعزيز الاستثمار والإنفاق العالمي والمحلي. فقبل عامين من الآن، شهدت المملكة إعلان إطلاق “مشروع البحر الأحمر”، المشروع السياحي الأكثر طموحاً في العالم، كوجهة فاخرة جديدة يتم إنشاؤها حالياً على الساحل الغربي للمملكة، بهدف تقديم تجارب سياحية لا تُنسى، يوازيها التزام مطلق بتطبيق أفضل الممارسات التي ترسم معايير جديدة للتنمية المستدامة، حيث سيعمل المشروع على إعادة صياغة مفهوم السياحة الفاخرة في المنطقة.
وكانت وزارة التجارة والاستثمار السعودية أدرجت في مايو/أيار 2018 شركة البحر الأحمر للتطوير رسمياً كشركة مستقلة لتتولى مشروع البحر الأحمر.
وقال البيان إن قطاع السياحة المتنامي في السعودية تحت الأضواء العالمية الآن، فجميع المؤشرات المتاحة تشير إلى إمكانات مذهلة في هذا القطاع. وحسب الأرقام الصادرة عن كوليرز إنترناشونال شريك الأبحاث الرسمي لسوق السفر العربي، فإنه من المتوقع أن يرتفع عدد الزوار القادمين إلى السعودية من الخارج من 17.7 مليون عام 2018 إلى نحو 23.3 مليون في 2023 بزيادة قدرها 5.6 بالمئة، بالإضافة إلى ذلك، تَعِد السياحة الداخلية في السعودية بالكثير من النمو والتطور، ويتجسد ذلك من خلال عدد الرحلات السياحية داخل المملكة والتي بلغت 47 مليون رحلة عام 2018. وتتوقع كوليرز إنترناشونال في أحدث أبحاثها أن يرتفع هذا الرقم بنسبة 8 بالمئة سنوياً ليصل إلى 70.5 مليون رحلة بحلول 2023.
أما على الصعيد العالمي، فمن المتوقع أن يصل عدد السائحين في العالم إلى 2.4 مليار نسمة بحلول 2027، بنفقات قد تصل إلى 2.2 تريليون دولار في المدن السياحية. كل هذه الأرقام تشكل فرص واعدة تطمح السعودية إلى جني جزء كبير من أرباحها، خصوصاً في ظل إطلاق مشروع البحر الأحمر الذي تشرف على تنفيذه شركة البحر الأحمر للتطوير التي انتقلت في خطى متسارعة من مرحلة التخطيط والتصميم إلى مرحلة التنفيذ على جميع الأصعدة.
وقالت شركة البحر الأحمر إنه ستسخر “جهودها لعقد شراكاتٍ اقتصادية في مجال الضيافة والترفيه، لتطوير مرافق البنية التحتية مثل، النقل، والمرافق العامة. كما أنها في طور التفاوض مع عدد من العلامات التجارية الكبرى في قطاع السياحة الفاخرة التي من المتوقع مشاركتها في تطوير هذه الوجهة”.
وتتميز منطقة مشروع البحر الأحمر بالكثير من مكامن القوة التي تجعلها وجهة اقتصادية واستثمارية مهمة، ولدعم هذه العوامل تبذل في شركة البحر الأحمر للتطوير جهوداً جبارة في تطوير مناخ داعم ومحفز لجذب المستثمرين من خلال ما يلي:
أولاً، إيجاد البيئة الاقتصادية والنظم الملائمة لتسهيل عملية الاستثمار وإقامة الإعمال في المنطقة الاقتصادية الخاصة التي يقع ضمنها مشروع البحر الأحمر؛ ستحظى هذه المنطقة بتشريعات وأنظمة تعتمد معايير عالمية ستوفر بيئة استثمارية جاذبة، وستكون مقصداً لأكبر العلامات التجارية في مجال الضيافة والسياحة، وشركات إعمار البنية التحتية، ورواد الأعمال.
ثانياً، تمهيد الطريق لنماذج الحوكمة؛ وضعنا آليات لتقويم تجارب زوارنا، بما يسهم في تنمية هذه الوجهة الاستثنائية والارتقاء بها.
ثالثاً، تطوير نهج رائد يهدف إلى حماية البيئة والمحافظة عليها، وتعزيز التنوع البيولوجي في الوجهة، وذلك باستخدام تقنيات برمجية تم تطويرها محلياً، بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست).
رابعاً، المساهمة في تدريب الكادر البشري الوطني اللازم الذي يحتاج إليه المشروع حتى تتمكن المرافق السياحية من القيام بدورها بالشكل المطلوب.
خامساً، المساهمة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 22 مليار ريال؛ بذلنا جهوداً جبارة في تطوير مناخ داعم ومحفز لبيئة الأعمال يهدف إلى تسهيل القيام بالأعمال التجارية في الوجهة.
ومن المخطط أن يسهم المشروع في تنويع اقتصاد المملكة من خلال فتح آفاق نمو جديدة في مختلف قطاعات السياحة والضيافة والخدمات والبنية التحتية وتجارة التجزئة لخلق نظام بيئي وملائم للسياحة. من المتوقع أن يسهم مشروع البحر الأحمر بإضافة 22 مليار ريال إلى الناتج المحلي للسعودية.
وتضم وجهة مشروع البحر الأحمر، أكثر من 90 جزيرة بكر تنتشر على خط ساحلي جذاب يتميز برمال بيضاء ناعمة، إضافة إلى المناطق الجبلية والوديان ومنطقة البراكين، وصحراء، وطبيعة خلابة، بالإضافة إلى تراث ثقافي عريق،ويستهدف العمل على تجاوز التوقعات بأعلى معايير التميز في مجال الخدمات السياحية، الأمر الذي سيؤدي لوضع المملكة العربية السعودية في مكانة مرموقة على خريطة السياحة العالمية.
وتتضمن المرحلة الأولى للمشروع -والتي سيتم الانتهاء منها في الربع الأخير من 2022- نحو 3100 غرفة فندقية على خمس جزر، بالإضافة إلى منتجعين في المنطقة الجبلية والصحراوية. وستشمل المرحلة الأولى أيضاً تشييد مراسٍ لليخوت، ومرافق ترفيهية، ومطار مخصص للوجهة، بالإضافة إلى تأمين الخدمات اللوجيستية، والبنية التحتية للخدمات العامة، ومراكز خدمات النقل الجوي والبحري في المشروع.
ومن المقرر الانتهاء من تنفيذ الوجهة بحلول 2030، حيث ستوفر 8 آلاف غرفة فندقية في المنتجعات التي ستُقام على 22 جزيرة، وستة مواقع داخلية في المناطق الجبلية والصحراوية. وستوفر الوجهة أيضاً مرافق سكنية فخمة ومجموعة كبيرة ومتنوعة من المرافق التجارية والترفيهية. ويرتكز المخطط العام للمشروع على نظام إداري ذكي يساعد في إدارة عدد الزوار لضمان تمتعهم بتجربة خالية من الازدحام أثناء زيارتهم للوجهة.
(أريبيان بيزنس)