سياحة عربية
4 ساعات رعب عاشها الركاب على متن سفينة سياحية لبنانية
في تمام الساعة الثالثة فجراً من يوم الخميس، الموافق 8 أغسطس الجاري، حدث ما لم يكن في الحسبان! لتتحول معه رحلة العمر على متن السفينة السياحية “أبو مرعي كروز” AMG أو ما تعرف بالـorient queen، إلى قصة رعب عاشها الركاب على مدار 4 ساعات وحتى بزوغ النهار عند الساعة السابعة صباحاً.
كل شيء كان على ما يرام، بعد يوم طويل قضاه السياح في جزيرة “كوس” اليونانية، لتنطلق بعد ذلك الباخرة السياحية، “وفق المخطط له” إلى جزيرة سانتورني عند منتصف ليل الأربعاء الخميس.
انتظر الجميع عودة الركاب إلى غرفهم، بعد سهرة أقيمت في الباحة الخارجية للسفينة قرب “حوض السباحة”، ليتبقى عدد قليل من الشبان في مقتبل العمر ممن يعشقون السهر على وقع حركة الأمواج “اليونانية”.
فجأة انقلب المشهد رأساً على عقب.. تصرخ إحداهن: “الباخرة وقفت، ما عم تتحرك… كانوا ثلاثة أنا شفتن”.
الباخرة تتوقف عن الإبحار
وبالفعل، كانت الباخرة قد توقفت في عرض البحر بعد 3 ساعات من الإبحار، لتبدأ معها حركة غير اعتيادية “مثيرة للريبة” من قبل طاقم السفينة حيث عمدوا إلى إغلاق كل المنافذ المؤدية إلى مقدمة السفينة بالأشرطة اللاصقة، ترافقت مع أصوات قوية أيقظت الركاب من شدة الهلع.. أوهموا للوهلة الأولى وكأن السفينة في حالة غرق.
عمت الفوضى المكان، وبدأ الناس يتهامسون في ما بينهم وسط حالة من الخوف والقلق.. اقتربت الفنانة الاستعراضية من الفتاة المذعورة محاولة استدراك الموقف: “ما تخافي، أكلتوا الضرب، عم بعبوا فيول.. ما في شي”.
محاولات الموظفين في قسم الترفيه على متن السفينة التخفيف من ذعر الناس، لم تمنعهم من طرح أسئلة عديدة: لماذا لم يتم تزويد السفينة بالوقود حين كانت ترسو في مرفأ “كوس” طيلة النهار لأكثر من 10 ساعات بانتظار عودة الركاب إلى متن الباخرة؟ ولِمَ لَمْ يقم كابتن الباخرة ومساعدوه بالإعلان عن ذلك رسمياً، هذا “لو سلمنا بأن هذا السيناريو صحيح”، كما ذكرت إحدى الراكبات.
اقترب أحد الموظفين مني قائلاً، وهو يحمل السيجارة بين أصبعيه: “رجاء ممنوع التدخين، عم نعبي فيول”.. في مشهد تهكمي مثير للعجب!
حركة مكوكية للسفن
بدا وقع مرور الوقت بطيئاً، وأنا أخطف النظر من نافدة غرفتي في الطابق الخامس، بعدما أصبحت باخرة “مرعي أبو مرعي” معلماً للسفن التي تمر بجوارها، فما إن تغادر سفينة حتى تلحق بها أخرى وهكذا… لتنهي ساعات الفجر الأولى كابوس الليل القاتم.
تروي إحداهن في صباح اليوم التالي أنها “سمعت موظف الاستقبال يلمح إلى إمكانية حدوث عمليات تبادل لسلع غير مشروعة، ولكن من دون استخدام “الكاش” “.
الموظف عينه على ما يبدو كان في حالة “سلطنة”، ولم يكن يتمالك إرادته كاملة حين زل لسانه!
همست أخرى: “معروف عن تاريخ مالكي السفينة، شمولهم بعقوبات من وزارة الخزانة الأميركية بسبب شبهات تورطهم في عمليات غير مشروعة لصالح حزب الله تشمل الإتجار بالمخدرات وعمليات تبييض أموال”.
انتظرت لحين عودتنا إلى مرفأ بيروت، صباح الأحد في 11 أغسطس، لأبحث في تاريخ هذه السفينة ولمن تعود ملكيتها، خصوصاً أن أغلب الركاب كانوا من أقارب، وأصدقاء ومعارف “أبو مرعي” المتواجدين دائماً على متن السفينة في رحلاتها الأسبوعية، ما يطرح علامات استفهام عديدة.
والمفاجأة كانت في أن السفينة السياحية تعود ملكيتها إلى رجل الأعمال اللبناني، مرعي أبو مرعي، الذي أدرج على القائمة السوداء لعمليات تبييض الأموال والإتجار بالمخدرات في مطلع أكتوبير/تشرين الأول 2015.
حيث فرض مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة الأميركية (أوفاك) حينها حظر التعامل وتجميد حسابات مرعي علي أبو مرعي وزوجته هويدا ناصر الدين وابنه عاطف أبو مرعي وابنته هنا أبو مرعي وابن أخته أحمد البزري، إضافة إلى وجدي يوسف نصر، و11 شركة مملوكة من أبومرعي مباشرة تتوزع بين لبنان وإفريقيا وألمانيا.
قبل أن يتم شطب اسمه والأسماء الأخرى المذكورة عن لائحة العقوبات الأميركية في مايو/أيار 2017، ليكون بذلك أول لبناني يتم شطب اسمه من قبل “أوفاك”.
ومن يعود إلى الملخص الذي وزّعه مكتب “أوفاك”، في 2015، يجد في النص أن: “أبو مرعي والأشخاص الخمسة المذكورين استعملوا مجموعة شركات أبو مرعي في لبنان والخارج لتقديم الدعم لشبكة أيمن جمعة الذي اتهمته الإدارة الأميركية مع حسن محمود عيّاش بالإتجار بالمخدرات وتبييض أموال حزب الله”، ليأتي بعد عامين قرار شطب الاسم.
على أية حال، ما زلت أذكر في مساء اليوم التالي للحادثة “الغريبة”، الحفلة التي أقيمت في أحد مطاعم السفينة على شرف القبطان ومساعديه، فهل الاحتفال جاء “بنجاح التهريبة”؟!
(العربية)