سياحة عربية
لؤلؤة المحيط الهادئ بلا سياح.. آخر ضحايا احتجاجات تشيلي
أثرت أشهر من الاضطرابات الاجتماعية التي ما زالت تهز تشيلي على واحدة من أكثر المناطق السياحية في البلاد، وهي مدينة فالبارايسو الساحلية، فقد خرّبت عماراتها الملونة التي تبعث على الأمل، وحطمت نوافذ محلاتها وأبوابها.
وألحقت الاحتجاجات العنيفة في كثير من الأحيان أضرارا فادحة في هذا الموقع المدرج على لائحة اليونسكو للتراث العالمي، خصوصا على طول شارع كارلوس كونديل الشهير الذي كان مزدهرا ذات يوم وتنتشر فيه المطاعم والمتاجر والمصارف.
وقالت فريسيا فالديز البالغة من العمر 72 عاما فيما كانت تسير على طول طريق مليء بالمتاجر المحترقة: “كان هذا المكان حيا. إنه أمر محزن ومحبط”.
فقد نهب أكثر من 100 متجر وشركة في هذا الشارع وحده.
وأحرق بعض تلك المتاجر من قبل مثيري الشغب وتركت مهجورة، إلا أن بعضها أعيد تجديده وعززت الإجراءات الأمنية أمامها من خلال وضع حواجز معدنية قبيحة لحمايتها من هجمات جديدة.
وقام أصحاب المتاجر بلصق لافتات كتب عليها “ميلاد مجيد – المتجر مفتوح” على بعض الحواجز، وهو التذكير الوحيد بوجود متجر وراء تلك البوابات المعدنية. ويتوجب على الزبائن التملص من خلال فتحات صغيرة للوصول إلى الداخل.
ورسم على بعض البوابات المعدنية رسوم غرافيتي تتضمن إهانات موجهة إلى الشرطة والرئيس اليميني سيباستيان بينييرا.
وأضافت فالديز: “في سنّي، لن أتمكن من رؤية فالبارايسو حية مرة أخرى”.
– “لؤلؤة المحيط الهادئ”
بسلالمه وشوارعه المتعرجة وأبراجه الكنسية، تم الاعتراف بالحي التاريخي للمدينة قبل 16 عاما من قبل اليونسكو كموقع ذي قيمة عالمية بارزة بفضل نسيجها الغني بالتاريخ والعمارة والتنمية الحضرية.
ولطالما كانت المدينة الساحلية التي عرفت في السابق بـ”لؤلؤة المحيط الهادئ” واحدة من مناطق الجذب الرئيسية في البلاد، إذ تضم أبنية ملونة متجاورة ومتاهة تلال وسكك حديد معلقة.
لكن الاحتجاجات أثرت على قطاع السياحة في المدينة التي تعدّ محرك الاقتصاد المحلي.
خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انخفضت نسبة الحجوزات في الفنادق إلى النصف، فيما تراجعت التجارة في المدينة بأكثر من 17 % وفقا لغرفة التجارة المحلية.
تقع مدينة فالبارايسو على مسافة 120 كيلومترا من العاصمة سانتياغو، وهي تضم الكونجرس، وهو هدف رئيسي للمتظاهرين لكنه يخضع لحراسة مشددة.
وقال سكان محليون إن الأضرار الناجمة عن الاحتجاجات التي بدأت في 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هي أكثر وضوحا في وسط المدينة، حيث تم إحراق المبنى الذي يضم “إل ميركوريو” وهي أقدم صحيفة في البلاد.
لكن في التلال المحيطة بالمدينة التي تقع فيها مناطق جذب سياحي أخرى مثل منزل الشاعر التشيلي بابلو نيرودا، فإن الدمار أقل وضوحا.
– سكان خائفون
وأشار أصحاب المؤسسات إلى أن العنف غيّر الجو العام في المدينة.
فبمجرد أن يبدأ حلول الظلام حتى تصبح الشوارع خالية. وحتى وقت قريب، كانت الأجواء الصاخبة الحية تسيطر على المدينة طوال الليل خصوصا في أشهر الصيف، عندما يأتي إليها نحو مليوني زائر.
وقال هوجو موراليس (72 عاما) الذي كان يملك كشكا نهب وأحرق خلال الاحتجاجات: “في السابق، كان يمكن السير في الشوارع بهدوء، أما الآن فالناس خائفون، وهم يعودون إلى منازلهم في وقت مبكر”.
فالبارايسو هي واحدة من المدن الثلاث الأكثر تضررا من أعمال العنف إلى جانب سانتياجو وكونسيبسيون في الجنوب، وقد خسرت مجتمعة 2,5 مليار دولار، وفقا لجمعية البنائين التشيلية.
(العين)