أخبارسياحة عربيةسياحة و سفر
كيف يُسهم مشروع “رأس الحكمة” في طفرة بقطاع السياحة المصري؟
تعقد الحكومة المصرية آمالاً عريضة على تنشيط القطاع السياحي ومضاعفته، كأحد المصادر الرئيسية في توفير العملة الدولارية، ولدعم قدرة الدولة على مواجهة جملة التحديات وتراجع معدلات الدين الخارجي.
وتعول مصر في هذا السياق على مشروع رأس الحكمة في إحداث طفرة لتنشيط القطاع السياحي بالبلد صاحب المقاصد السياحية المُتنوعة، واستقطاب استثمارات أجنبية مباشرة خلال المرحلة المقبلة، بدعم من المقومات المختلفة في مصر وسلسلة مشاريع البنية التحتية التي قامت بها الدولة خلال الفترة الماضية لاسيما بمنطقة الساحل الشمالي.
ووقعت مصر أخيراً “أكبر صفقة استثمار مباشر”، لتنفيذ مشروع تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي، من خلال شراكة استثمارية، بين وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وشركة “القابضة” (ADQ) الإماراتية.
ما يُميز المدينة هو وقوعها في مكانٍ استراتيجي جذاب، إذ تقع مدينة رأس الحكمة في منطقة الساحل الشمالي، وتمتد شواطئها من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالي الغربي وحتى الكيلو 220 في مدينة مطروح.
وتستهدف مصر أن تكون المدينة مقصداً سياحياً عالمياً، يتماشى مع الرؤية الخاصة بتنمية منطقة الساحل الشمالي الغربي في مصر.
خبراء واقتصاديون في تصريحات خاصة لـموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” توقعوا أن يسهم مشروع رأس الحكمة في إحداث طفرة قوية لقطاع السياحة في مصر خلال المرحلة المقبلة، بالإضافة إلى زيادة تدفقات الأفواج السياحية ومضاعفة إيرادات الدولة من السياحة.
أضافوا أن دخول الإمارات -بما لها من ثقل ومكانة اقتصادية عالمية- في أكبر مشروع استثماري مباشر في مصر، يعد شهادة ثقة في جدوى الاستثمار في مصر من المتوقع أن يتبعها مزيد من التدفقات الاستثمارية لاقتناص الفرص المتاحة بالقطاع السياحي المصري، ومن ثم تنشيط السياحة بمختلف أنواعها في مصر، لاسيما بمنطقة الساحل الشمالي.
وتستهدف مصر التحضير لطرح “مشروعات من العيار الثقيل” على غرار تطوير “رأس الحكمة”، وفقًا لتصريحات رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي.
طفرة متوقعة بالساحل الشمالي
قال الخبير الاقتصادي، الدكتور سيد خضر، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن مشروع رأس الحكمة يعتبر مشروعاً سياحياً ضخماً، إذ يقع في الساحل الشمالي لمصر وهو ذات موقع استراتيجي متميز، كما يهدف المشروع إلى تطوير المنطقة وتحويلها إلى وجهة سياحية عالمية تجذب السياح من مختلف أنحاء العالم.
أضاف أن المشروع يعتبر جزءاً من استراتيجية الدولة المصرية لتنمية السياحة وزيادة الاستثمار في القطاع السياحي، وبالتالى يتضمن مشروع رأس الحكمة تطوير فنادق فاخرة ومنتجعات ومناطق تجارية ومارينا وملاعب غولف، علاوة على مرافق ترفيهية أخرى، كما يتميز المشروع بموقعه الجغرافي المتميز على ساحل البحر الأبيض المتوسط وجمال المناظر الطبيعية المحيطة به.
وأشار إلى أنه من أجل تحقيق رؤية تحويل الساحل الشمالي لمستوى عالمي وإحداث طفرة سياحية في المستقبل، يتطلب الأمر تطوير البنية التحتية للمنطقة بما في ذلك الطرق والمطارات والموانئ وشبكات النقل العام، فضلًا عن توفير وصول مريح وسهل إلى المنطقة للسياح القادمين.
وشدد خضر على أهمية التسويق السياحي والترويج لمشروع رأس الحكمة بشكل فعال على المستوى الوطني والدولي، بالاضافة إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والحملات الإعلانية، والفعاليات السياحية لجذب الانتباه لما يقدمه المشروع، مع العمل على تنويع العروض السياحية وتوفير مجموعة متنوعة من الخيارات السياحية في رأس الحكمة، مثل الرياضات المائية والغوص والسفاري في الصحراء ورحلات اليخوت والتسوق الفاخر.
وأوضح أنه خلال الفترة المقبلة ولتعزيز دور المشروع والاستفادة القصوى منه لإنعاش القطاع السياحي المصري بشكل عام، يتعين العمل على تلبية احتياجات السياح المختلفة وتقديم تجارب فريدة ومثيرة لهم، مع الحفاظ على البيئة والثقافة، بالإضافة إلى التركيز على حماية البيئة الطبيعية والثقافة المحلية في رأس الحكمة، كذلك تنفيذ ممارسات سياحية مستدامة وتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على الموروث البيئي والثقافي للمنطقة.
ولفت إلى أهمية تعزيز التعاون الحكومي والخاص لضمان نجاح مشروع رأس الحكمة فضلًا عن توفير الدعم المالي والتسهيلات القانونية والتشريعية للمستثمرين والمطورين الذين يرغبون في المشاركة في المشروع، حتى تساهم فى تحقيق طفرة سياحية في الساحل الشمالي وجعلها وجهة عالمية والمساهمة في جذب السياح وتعزيز الاستثمار في المنطقة وتحقيق الرؤية المطلوبة.
زيادة تدفقات الأفواج السياحية الخارجية
رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، رشاد عبده، قال في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:
- تنفيذ المشروع لا يستهدف السياحة الداخلية فقط، بل يستهدف جذب أفواج من دول الخليج بالدرجة الأولى، في ضوء ما سيقدمه من مستوى متقدم.
- تميز شركة أبوظبي في عمليات التسويق، سيدعم قدرة مصر على استقطاب أفواج من الخارج، وبالتالي دعم انتعاشة تدفق السياحة الخارجية إلى مصر بقوة خلال الفترة المقبلة.
وتستهدف القاهرة الوصول إلى 30 مليون زائر بحلول العام 2028، مع تعافي قطاع السياحة في البلاد من تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا.
وخلال العام المالي الأخير، ارتفعت إيرادات مصر من السياحة بنسبة 26.8 بالمئة على أساس سنوي، وصولاً إلى 13.6 مليار دولار خلال العام المالي الماضي مقارنة بنحو 10.7 مليار دولار في العام المالي قبل الماضي، بحسب بيانات البنك المركزي.
مضاعفة الإيرادات السياحية
من جانبه، فإن مدير مركز رؤية للدراسات، بلال شعيب، قال في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن:
- مشروع رأس الحكمة يعد أكبر مشروع استثماري في تاريخ مصر، وسيولة دولارية ضخمة ستسهم في حل الأزمة الدولارية لمصر خلال المدى القصير وتوفير عمله لدعم احتياجات مصر خاصة للمستوردين والمصانع.
- المشروع سيسهم في جذب 8 ملايين سائح (إضافي) إلى مصر، بحسب التقديرات الرسمية، وهي معدلات يمكن أن تدعم قدرة الدولة على تحقيق إيرادات تقدر بنحو 13.5 مليار دولار سنويًا من مشروع رأس الحكمة وحده.
- إيرادات المشروع المستقبلية تعادل حاليًا إجمالي إيرادات القطاع السياحي المصري، وهو ما يعكس الطفرة التي سيسهم المشروع في تحقيقه على صعيد السياحة في مصر.
وأشار إلى أن مصر حالياً إيراداتها السنوية ضعيفة مع مقارنتها بدولة مثل تركيا أقرب المقاصد السياحية إلى مصر، وبالتالي الدولة المصرية تستهدف تنمية موارد العملة الدولارية بداية من الاعتماد على السياحة.
وأوضح أن المشروع لديه القدرة في القيام بدور كمصدر حيوي للعملة الدولارية خاصة في ضوء مقومات مصر من مناخ متميز وموقع جغرافي بين ثلاث قارات بالإضافة إلى تنوع المقاصد السياحية سواء الشاطئية أو الدينية أو الترفيهية بالإضافة إلى الدينية كرحلة العائلة المقدسة، وبالتالي يمكن الاستفادة من قطاع السياحي لنقل مصر بصورة مختلفة اقتصاديًا، وهو ما يتوافق مع مستهدفات الدولة التي تستهدف تحقيق إيرادات بقيمة 50 مليار دولار من هذا القطاع.
- دعم قدرة الدولة على تحقيق ذلك المستهدف يتطلب زيادة الطاقة الاستيعابية للغرف الفندقية، وهو ما يعكسه ما سوف يتم في مشروع رأس الحكمة والذي سيكون منتجعاً سياحي يتضمن صناعات تكنولوجية.
- وبالتالي سوف يتم استخدام جميع أنواع السياحة سواء التعليم في الجامعات المصرية التي سيتم إنشاؤها أو السياحة الترفيهية أو الاستفادة من المدينة الطبية.
- بالإضافة إلى وجود مطار دولي سيتم إنشاؤه عبر استخدام أحدث التكنولوجيا الحديثة، وبالتالي فتح فرصة للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر.
انعكاسات إيجابية سريعة
وفي ذات السياق، أكد الخبير الاقتصادي المدير التنفيذي لشركة vi markets، أحمد معطي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن المشروع منذ الإعلان عنه انعكست آثاره الإيجابية سريعاً على عدد من المحاور منها تراجع الدولار، والتوقعات الإيجابية بشأن أثر اقتصادي كبير على معدلات النمو واستثمارات القطاع الخاص، في ضوء توقعات بقدرة المشروع على جذب نحو 8 ملايين سائح عقب نهايته.
وأضاف أن المشروع من المتوقع أن يسهم في تقليل معدلات البطالة، خاصة في ضوء ضخامة حجم المشروع ودعمه لكثير من المصانع والشركات التي ستدخل في مراحل تنفيذ المشروع، وبالتالي رفع معدلات نمو الدولة.
وأشار إلى أن اختيار المشروع في هذه المنطقه تحديدًا، يعكس رؤية القطاع الخاص الإيجابية بشأن توجهات الدولة الفترة الماضية نحو توفير البنية التحتية بشكل متميز لهذه المنطقة، وهو ما دعم من تدفقات الاستثمارات حيث تحولت منطقه العالمين من منطقه “إلغام” إلى منطقة استثمارات، فضلًا عن دور المشروع في تشجيع الدول على الدخول إلى مصر خلال المرحلة المقبلة، لذلك فهو إشارة إيجابية للقطاع الخاص الأجنبي لبدء دخول مصر عقب دخول الإمارات ونظرتها الإيجابية للاستثمار في مصر.
المصدر : سكاي نيوز