مواقع ترفيهية
عربات الخيول.. علامة سياحية بارزة في فيينا
قبل وجود سيارات الأجرة وخدمة أوبر لطلب السيارات، كانت هناك العربات التي تجرها الخيول في فيينا.
ما زال يمكن سماع صوت الحوافر على الشوارع المرصوفة بالحصى في وسط المدينة، حيث تعد العربات اللامعة، التي يطلق عليها محليا اسم فياكير، مصدر جذب سياحي كبير.
وتناقص عدد العربات منذ أوج ذروتها في أواخر القرن الـ19، عندما كانت هناك ألف عربة تجوب العاصمة النمساوية، لتصل إلى 58 عربة حاليا يُسمح لها بالتجول في المدينة في أي يوم.
يشعر سائقو العربات الذين يرتدون قبعات بالتهديد، فالقائمون على إدارة المدينة يشعرون بالضيق من رائحة الخيول وصوت حدواتها، في حين يريد الناشطون المدافعون عن حق الحيوانات إنهاء هذه الحرفة التي استمرت قرونا.
تقول الرابطة المناهضة لمصانع الحيوانات (VGT) على موقعها الإلكتروني إن الخيول التي تجر العربات تعاني من “القسوة”.
وتسعى الرابطة لحشد الدعم لخفض درجة الحرارة التي يحظر فيها عمل الخيول من 35 درجة مئوية حاليا إلى 30 درجة.
ويقول جورج برينز الناشط عضو الرابطة “هذه حيوانات كبيرة، ولديها كتلة عضلية كبيرة بالنسبة لسطح أجسادها، لذلك ترتفع حرارتها بوتيرة أسرع”.
وتقول أورسولا كوتراشيك، التي تشغل منصب المتحدثة باسم رابطة مشغلي العربات التي تجرها الخيول في فيينا، إن خفض درجة الحرارة التي تعمل بها الخيول سوف يكون أمرا سيئا للغاية للعمل.
وقالت لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): “درجة الحرارة بصورة عامة تكون 30 درجة مئوية في الصيف”.
في العام الماضي، كان يتعين على الخيول أن تبقى في إسطبلاتها لمدة 43 يوما في حال خفض حد درجة الحرارة، في حين ارتفعت درجة الحرارة لأكثر من 35 درجة مئوية خلال يومين فقط.
وتقول كوتراشيك إنه في أي حال من الأحوال، الخيول مجهزة بصورة طبيعية لتكون في الخارج تحت الشمس.
وترى كوتراشيك أن الجماعات مثل هذه الرابطة المناهضة للقسوة ضد الحيوانات تمادت في حملتها بصورة كبيرة.
وتساءلت “طالما أن الخيل، أو أي حيوان آخر، لديه مأوى ويحظى بالرعاية ويحصل على العلف ولديه طبيب بيطري يعتني به، فما جدوى أي ناشط يدافع عن حقوق الحيوان؟”.
وتدير كوتراشيك أعمال متعلقة بالعربات التي تجرها الخيول، حيث تمتلك 38 حصانا، تتناوب العمل خلال أيام العمل وأيام الراحة، بالإضافة إلى عربات تعود لأكثر من 100 عام مضت.
وتوجد الإسطبلات التي تمتلكها كوتراشيك في منطقة خارج فيينا، بين مجموعة من الحدائق الصغيرة ومبان سكنية أكثر حداثة، حيث الممرات الأفعوانية تسير باتجاهات مختلفة وحيث تنمو الشجيرات على الحواجز.
المناخ هنا مختلف عن وسط المدينة المنظم، بواجهاته التي تعود لقرون ماضية ولكن تم تجديدها حديثا وبمتاجره الفاخرة.
ويريد ماركوس فيجل، المسؤول بإدارة المدينة، الإقلال من عدد العربات التي تجرها الخيول في وسط فيينا.
وكتب في خطاب لبلدية المدينة “السكان والمارة يشتكون من التلوث الهوائي، ليس فقط بسبب الرائحة، ولكن أيضا بسبب البول ومخلفات الروث”.
كما أشار إلى أن حدوات الخيول تلحق أضرارا بالرصيف، مما يتسبب في تكاليف إصلاح تبلغ 750 ألف يورو (850 ألف دولار) سنويا.
وطالب فيجل بتغيير الحدوات المعدنية على أن تحل محلها أخرى مطاطية، كما حث سائقي العربات على تنظيف مكان الخيول بصورة أفضل، وكتب فيجل: “مالم يحدث ذلك، لا يمكن استبعاد حدوث انتهاء تدريجي لعمل العربات التي تجرها الخيول في وسط المدينة”.
وقد جرى اختبار الحدوات المطاطية على خيول كوتراشيك، ولكنها كوتراشيك لم تكن راضية عنها.
وقالت: “تلاشت الحدوات بعد 3 أيام”، موضحة أن الحدوات المعدنية تبقى ما لا يقل عن 5 أسابيع.
وتخشى كوتراشيك من أن الحدوات الجديدة قد تعرقل سير الخيول، محذرة من أن ذلك قد يؤدي لحدوث إصابات، على الرغم من أنها اعترفت أن هناك حاجة لإجراء دراسات طويلة المدى لمتابعة التداعيات الصحية السلبية.
وبالإضافة إلى هذه المطالب والقيود المقترحة، تشعر الشركات القائمة على إدارة أعمال العربات التي تجرها الخيول بالقلق والغضب من أعمال التجديد المستقبلية التي سوف يخضع لها ميدان مايكلير بلاتز خارج قصر هابسبورج الملكي السابق.
ويعد الميدان ضمن عدد قليل من الأماكن التي يتم السماح فيها للعربات بانتظار الزبائن، ويخشى سائقو العربات من أنه سوف يتم منعهم من الوقوف في الميدان خلال أعمال التجديد وبعدها.
وتقول كوتراشيك: “هناك بدائل قليلة متاحة بالنسبة لأماكن الانتظار ومزاولة العمل لكسب المال”.
وأضافت “ليست هناك فائدة من الوقوف في شارع جانبي صغير”، موضحة أن معظم عمل العربات يعتمد على السائحين الذين يرون الخيول ويقررون القيام بجولة بالعربات.
ونادرا ما يقوم السكان المحليون بحجز جولات بالعربات التي تجرها الخيول هذه الأيام، ماعدا من أجل حفلات الزفاف ومناسبات خاصة أخرى.
ويشعر مجلس سياحة فيينا بالامتعاض جراء الخلاف بشأن العربات، الذي تصاعد حتى وصل لنقطة يصعب فيها تجنب إضراب سائقي عربات الخيول.
كما أن التوترات بين الناشطين في مجال حقوق الحيوانات والسائقين تصاعدت، مما أدى لاستفزازات متبادلة وخلافات.
ويقول فالتر شراسير المتحدث باسم مجلس السياحة في فيينا: “في ضوء جميع الحلول التي يتم مناقشتها، لا يجب أن تفقد عربات الخيول مصدر رزقها”.
وكان مجلس السياحة في فيينا قد أجرى استطلاعا للرأي لمعرفة مظاهر صورة فيينا الأكثر جاذبية للسائحين، وقد حظي الماضي الملكي للمدينة بالصدارة.
ويقول شتراسر “العربات التي تجرها الخيول جزء من التراث الملكي”.
واعترفت كوتراشيك، وهي تجلس بجانب إسطبلاتها في حاوية شحن تم تحويلها لمكتب، أنه سوف يكون على الجميع تقديم تنازلات لحل خلافاتهم في وسط المدينة المتخبط، حيث يتنافس السائحون والسكان المحليون والعربات التي تجرها الخيول على إيجاد متنفس لهم.
وتقول كوتراشيك: “علينا جميعا أن نتعايش بوسط المدينة”، مضيفة: “لكن كثيرا ما نتفاوض مع أشخاص ليس لديهم فكرة عن الخيول”.
(العين)